15 July, 2008

صكوك الغفران

من المعلوم للجميع أن صكوك الغفران كانت ابرز دلالة على سيطرة البابا و القساوسة على مقاليد السلطة الدينية و الزمنية فى عصور الظلام
بدأت هذة البدعة فى عام 1095 ميلادية حين أعلن البابا أوربان الثانى الغفران المطلق لجميع الخطايا لكل من يشترك فى الحرب المقدسة , تبع ذلك منح الغفرانات من درجات أقل أو أكثر نظير مقابل مادى أو عينى
منشئ هذة البدعة يدعى أنه يوجد كنز من فضائل فى المسيح عليه السلام و فى العذراء مريم و القديسين الأخرين أكثر من ما هو لازم لهم, أى أن أعمالهم و تقشفهم و اّلامهم التى لم يكنوا يستحقونها فى هذا العالم كانت أعمال و فضائل زائدة عن حاجتهم, و بذلك تيسر رصيد عظيم و أن البابا يملك مفتاح هذا الرصيد أو الكنز, ومنه يسطيع أن يهب الغفران للمذنبيين و ذلك دون الحاجة الى التوبة و ما تتطلبه من مشقة و جهاد للنفس , و قد أستمرت هذة البدعة حتى بداية القرن السابع عشر و لكن بصورة مضمحلة
و غرضى من هذا العرض هو توضيح الى أى مدى قد يصل تسلط رجال الدين على عقول العامة فى غياب الفكر و التنوير, و قد استعنت بهذا المثل <صكوك الغفران> لأن رجال الدين فى تلك الأوانة لم يكفهم التحكم فى حياة الناس الدينية و الدنيوية فقط, بل تعدت سلطتهم الى الحياة الأخرة , و لم ينفذ من سلطانهم هذا و لا حتى أعاظم ملوك أوربا
تلك كانت بدعة دينية فى عصور الظلام, بدعة لا أساس لها فى المسيحية الصحيحة , بل أنه لا أساس لرجال الدين و لا سلطانهم فى المسيحية و لا الأسلام و لا غيرها من الأديان
مقارنة بسيطة تيسر لنا أن نرى ما نحن مقدمين عليه من عصور ظلام, السادة رجال الدين يطالعونا بأنهم المتخصصين فى الدين و ليس من حق أى منا أن يفكر أو يعمل العقل فى دينه, الدين و فهمه حكر عليهم و ما علينا الا الاتباع الأعمى, هل كان الصحابة و التابعين رجال دين أم رجال تيسر لهم العلم و العقل فاجتهدوا , هل توقفوا عند كل ما جد من أمور الدنيا و الدين ليبحثوا عن شيخ معمم أو مطربش يفتيهم أم اجتهدوا الاجتهاد الصحيح و ساسوا امبراطورية فى كل شؤنها الدينية و الدنيوية, هؤلاء هم السلف الصالح فعن أى سلفية يتحدثون, هؤلاء هم الأصل الذين أخذوا روح الدين عن النبى الخاتم فأى أصولية يدعون
أن اتحاد الثالوث المقيت< الكهنوت و الحكم و المال> هو الذى أدى الى عصور مد فيها الظلام دياجره على أوربا , و هو الذى أذكى نار الحروب الصليبية قرونا تقتات على أرواح الأبرياء من مسيحى أوربا و مسلمى الشرق, لم ينقشع هذا الظلام و لم يرتد الظلم الا بالاصلاح الدينى و العلم و حرية الفكر و الرأى
ان لم يكن لنا فى هذا التاريخ القريب درس و عبرة, فلا عبرة و لا معتبر

9 comments:

Anonymous said...

كابتن هيثم

اسعدني زيارتك مدونتك و بحييك علي موضوعك الجرئ

للاسف عزيزي السلطه التي يتمتع بها رجال الدين سلطه مطلقه و ناس كتيره عندها قناعه مؤكده ان رجال الدين منزهين عن اي اخطاء و لا يعاملوهم كبشر مثلهم عشان كده اي حاجه بيقولولهم عليها بيصدقوها علي طول من غير نقاش و اي حد يبتدي يناقش يبتدوا يهاجموه و يتهموه بالرده بس اكيد ناس كتيره بدأت انها تنفض عنها غبار تلك الأفكار العقيمه و بدأت تعي ان كل ده خزعبلات لا اساس لها من الصحه
بحييك علي اثاره الموضوع الهام

Capt. Haytham Harfoush said...

اجندا حمرا

أشكرك على تشريفك المدونة و التعليق, مشكلة الكهنوت أنه يسعى لشغل الناس بمهاترات لا طائل منها حتى لا يترك مساحة للتفكير فى أولويات الحياة و المجتمع, قد يكون بعض الناس متفهم لدور الثالوث الأسود الحكم و الكنوت و المال, و لكن السواد الأعظم لا يعى هذة المؤامرة و ان وعها يخشى المواجهة و لو على نطاق ضيق

تحياتى و تقديرى

Desert cat said...

للاسف هذا ما يحدث حقا
وكثيرا ما تردد تلك الكلمات اثناء النقاشات وان اطلقنا عليها بالفعل لفظة نقاشات فدائما ما يتحول الموضوع لجدل بسرعه البرق
لان الدين اصبح حكر لكل من ربى دقن وحفر ذبيبه وحفظ ايه وحديث يستشهد بهم وقت اللزوم مش مشكلة افعاله المهم اقواله والمهم انه اخذ شكل الشيخ الذى يؤخذ منه ولا يرد عليه
فهو العالم بامور الدين ومن نحن كى نتناقش او نرد او نطلب حجه او دليل فاترك الامر برمته للشيوخ وانت استمع ونفذ فقط لا غير حتى تنال صك الغفران
دمت بالف خير
احترامى وتقديرى

Dr. Eyad Harfoush said...

أخي الحبيب هيثم
بدعة التخصص هذه تضرب أحد العمد الجوهرية للدين الاسلامي، فالأصل فيه هو العلاقة المباشرة مع الله بالتوجه اليه ارسالا و قراءة القرآن استقبالا ، و كذلك المسؤولية الفردية المحضة عن تحديد الحلال و الحرام من الكتاب و السنة و العقل، لكن ما علينا لو لم يفهم البقر

تحياتي و تقديري

Capt. Haytham Harfoush said...

أخى العزيز

رغم قلة احتكاكى بالمجتمع و هو شيئ أحمده, لكن كل يوم أجد أن هذا الأمر قد سيطر على العقول بشكل مرضى, لكن زى ما قلت ماذا علينا لو لم يفهم البقر

تحياتى و شكرى

Meero Deepo said...

كابتن هيثم


أتشرف بكتابة تعليقى لأول مرة فى مدونتك... والتى وإن قلت كلماتها فهى دائما معبرة بروعة على طريقة ماقل ودل

لم يكن اليوم هو أول مرة أقرأ فيها مقالتك تلك ولكنى عندما قرأتها فى المرة الأولى منذ شهور كنت ضدها تماااااااااااااما

( معلهشى يعنى البداية سخيفة ولكنى طامعة فى طولة بال حضرتك وسعة صدرك..:)!1

حيث أنى كنت فى تلك المرة الأولى ممن يؤيد وبشدة موضوع التخصص هذا ويرى أنه لا يجب ان يدلى كل فرد بدلوه فى الدين حتى لا يختلط الحابل بالنابل وتصير الأمور ضبابية ويضيع فيها أصول الدين الثابتة

وكنت أستشهد فى تلك الفترة بمثال يضربه الكثيرون من أنك مثلا لا تذهب للمهندس لعلاج أسنانك ولا يمكنك مهما قرأت من كتب الطب الجراحى بأن تذهب لإجراء عمليات وأنت لست خريج كلية طب مثلا وهكذا فى الدين كنت أرفض أن تصدر آراء فقهية عن غير المتخصصين من طلبة الدراسات الإسلامية والمتبحرين فيها

ولكل ما سبق لم أجد أنه هناك مايمكن أن أكتبه وأعلق به على تلك المقالة لأنى فى تلك الفترة كنت كما تفضلت أنت ود.إياد بنعتهم ب.. البقر الذين لا يفهمون....هههههه

المهم بعد رمضان حضرتك إكتشفت أنه هناك بعض الصحة فى تسميتكم تلك وأنى أستاهل فعلا لأنى دافعت عن هؤلاء

وثورة التصحيح تلك حدثت بعد أن ذهبت لصلاة التراويح فى أحد المساجد ولم أهنأ بصلاتى

وإسمح لى أن أنقل لكم الصورة كاملة

أولا صلاة الجماعة فى المساجد فى صفوف الرجال لا تمت بصلة لصلاة جماعة الستات لامؤاخذة

فالرجال صفوفهم منتظمة منضبطة والكل يلتزم بآداب الصلاة وإتباع الإمام

أما فى صفوف السيدات ...فحدث ولا حرج

غالبا مايكون هناك لبس لديهن عن طبيعة تلك الصفوف فلا يستطعن تفريقها عن صفوف طوابير العيش أو شراء الخضار والفاكهة

فالأمر كما بدا لى خناقة فى السوق

وذلك نظرا للحقيقة التاريخية التى تقول بأن الستات موش بيطيقوا بعض عادة !!!1

وياليت الأمر إقتصر على صفوف غير منضبطة وفقط بل تجاوزه لما أكد لى أن هناك الكثير من الأبقار بيننا

فلا أعلم من جاءت الفكرة التى تقول بأن كل من إرتدت النقاب هى فاطمة الزهراء ويستقى منها العلم ومعها مفتاح الجنة الىى ربنا أعطاه لها لتدخل من تحكم عليهن بحسن الإسلام

أولا ... نعلم أنه يجب مراعاة الصف لأن يكون منتظم ومستقيم ... ويستحب أن يتم تسوية تلك الصفوف الى اليمين... ماشى ....فإن تسوية الصفوف من تمام الصلاة...وماله

ولكن عندما يكون فى بداية الصف من اليسار عجوزة مسنة بالكاد تصلى جالسة ولا يمكنها الحركة فأنا لم أجد حرجا فى أن أقول ... طب ياجماعة معلشى نساوى الصف من الناحيةالشمال دى علشان الحاجة كبيرة وغير قادرة على الحركة

وعين حضرتك .. أو الحقيقة حضرتى .. ماتشوف إلا النور

إنطلاق لموشح من الأخت الرفيقة المنقبة لا أعلم من أين كان لها تلك القدرة على رص الكلمات المصفوفة المنتظمة فى الإطلاق كسلاح كلاشينكوف

متهمة زنديقة مثلى بأنى لا أعى من أمر دينى شئ ولا أعلم قول الرسول صلى الله عليه وسلم بمساوة الصف الى اليمين وأنه... يا أختى ربنا يجعلنا من أهل اليمين ...الخ الخ

تذكرت صديق لى ذهب لخطبة فتاة من اسرة متدينة وعندما تفضلوا عليه بعزومة غداء وجدت الأم أنه يأكل أحيانا بالشوكة بالشمال

فقال أنها نظرت له شذرا وعنفته إنت بتأكل بالشمال...!!!1

ولأنه كان لمض شويتين ورايح يتجوز بالعافية أصلا وبعد محاولات مضنية من أصدقاؤه فماصدق وقالها... هو ياطنط حضرتك أنا جايب الإيد الشمال دى من بيت أبويا ...ماهو ربنا خلقنا بيها علشان تساعد اليمين والا كان ربنا خلقنا بإتنين ايد يمين

لم تتوقف اتهامات الاخت المنقبة لى بفساد تدينى والحمد لله انه لم يمتد باتهام بفساد سلوكى ايضا لأنى راعيت سيدة مسنة وظروفها الصحية... كانت الكارثة والتى ستمنعنى من دخول الجنة إنى كنت أصلى مغمضة العينين

فبعد إنتهائى من الصلاة وأقسم بالله لازلت لا اعلم كيف رآتنى تلك الاخت الرفيقة المنقبة.. فؤجئت بمجرد تسليمى بمن يقبض على ذراعى الشرر ينطلق من عينيها ... ايه اللى انتى بتعمليه ده...ماينفعشى الصلاة وانتى مغمضة العينين

قلتلها يا ست الحاجة الاخت التانية اللى جنبنا جايبة ابنها الرضيع معها وحضرتها مسنترة سعادته امامنا واحنا بنصلى ... وبصراحة الواد عسل مووووت وطعم وشقى وكل ما ابص له يضحك

قلت اغمض علشان اركز

الله يخرب بيوتكم.... لما انتم عندكم عيال جايين تصلوا فى المسجد ليه ماتصلوا فى بيوتكم

وانا يعنى موش لاقية مسجد اصلى فيه غير مسجد الإخوان .... مالها المساجد التانية

ولاهو ايه اللى ودانى اصلى فى المسجد اصلا ماأصلى فى بيتنا

لذا وجدت انه من واجبى رفع القبعة لمقالتك .... وحقا لا احد يملك صكوك الغفران

سلاموا عليكم

Capt. Haytham Harfoush said...

Meero Deepo

أشكرك على التعليق و لو أنى قرأته بعد شهور من كتابته , و هذا لسفرى فى تلك الفترة, فأرجو المعذرة

أما عن رأيك فى التخصص فهو و لا شك سليم, و لكنى أرى اليوم أن المقولة الشهيرة (الدين لله و الوطن للجميع)قد تبدلت الى ( الدين ليس لله و الهرتلة للجميع)عموما لمست بنفسك ما أعنيه ,التشدد فى التفاهات و المظهر و الجهل بالمقصد و الجوهر

أعتذر عن التأخير و أشكرك على اعادة النظر فى صكوك الغفران

هيثم حرفوش

أسماء علي said...

عبرة لمن يعتبر يا سيدي
كيف تقنعهم أن الدين هو علاقة شخصية بيننا و بين الله
و أن الإجتهاد الشخصي متواجد
و المحاولة .. و تقبل الرأي الآخر
لكن أين لنا بعقول تعي
ما أن أخبر بعضهم بفكرة واحدة من رأيي هذا حتى أجد الرد جاهز
الدين و اجتهاده نتركه لمن هو أهل لذلك و ليس منّا من هو كذلك

اذا اتركوني أنعم برأيي
كلااا يجب أن ننصحك فديننا دين دعوى

لكن لي آراء مختلفة
الدين واضح و صريح و تفسيراته متواجدة و المذاهب الأربعة واضحة

..

و هكذا كما ترى فقد قررت الصمت و آرائي لي و انتهينا ..

..

مقالة جميلة لكن أين الجديد ؟

Capt. Haytham Harfoush said...

د\أسماء على

منا من حقت عليه اللعنة و كان من دواعى شقاؤه نقمة الفكر , و منا من كان حظه أوفر و رزق بنعمة الغباء. و ليس هناك من جديد فى هذا كما تفضلت فى أخر تعليقيك. الجديد فى نظرى الأن أن نعمة الغباء و التى أعتبرها منحة اللاهية استشرت بالعدوى و أصبحت نعمة عامة أحسد عليها الملايين. حتى من كان من حظه بالفطرة بعض تفكير, ألغاه و استراح و اتبع آيات الله فى خلقه من حماة الاسلام و حراس العقيدة . هذا ما يستعصى على فهمه, آيات الله فى خلقه علتهم واضحة , محاولةاثبات الذات مع فراغ فكرى و معنوى , أما القاعدة العامة و التى لديها ما هو جدير بأن يشغلها عن التفاهات و لديها من سبل تحقيق الذات و مقوماته ما يكفى , و بعد ذلك تتبع آيات الله فى خلقه بدون أى تفكير , هذا ما لا أجد له علة حتى الأن. , أشد ما يؤرقنى أن تسمى تلك العدوى ب(الصحوة الدينية)لو أن تلك صحوة فالويل لنا من الغفلة و المغفلين

تحياتى